كتب المستشار/عصمت فتحى
لكل بداية نهاية ويبدو أن قوانين الايجارات القديمة ليس لها نهاية ….
تعاقبت الحكومات والبرلمانات ولا يستطيع أى منها الاقتراب من قوانين الايجارات القديمة ووضع نهاية للجدل المستمر بشأنها .. بنهاية تحكم العلاقة الايجارية بين المالك والمستاجر فى ايطار من العدالة الاجتماعية التى تحقق النفع لطرفى العلاقة بين المالك والمستاجر ولا تحقق نفع لفئة دون الاخرى أو على حساب الاخرى فتحدث شيئا من التوازن بين طرفى العلاقة …
وذلك لأن قوانين الايجارات القديمة تمس شريحة ليست بالقليلة فى المجتمع . وما يشكلة الاقتراب من هذا القانون من اثار تبدو خطيرة وشائكة …
ولكننا اعتدنا ان الحكومة الحالية تتصدى وتواجة الأزمات ووضعت ورؤيتها أن المرحلة الحالية لا تحتمل التأجيل والتسويف لأى من الملفات المهمة التى يتطلب البت فيها نهائيا …
وبما أن التعديل يرتب اثارا لطرفى العلاقة الايجارية الملاك المتضررين منذ سنوات والمستأجرين الذين قد يصيبهم الضرر من التعديل ..
والواقع أن لدينا ملاك لديهم من الثروات العقارية ما يساوى الملايين قياسا بالوقت الحالى . ولكنهم فقراء – حرمتهم قوانين الايجارات القديمة من الأستفادة بأملاكهم …
ولدينا بالمقابل مستأجرين منهم من لديه من الأموال ما يكفى لشراء اكثر من وحدة عقارية وبعدهم يمتلك بالفعل وحدات عقارية وقد لاينتفعون نهائيا بالوحدات المستاجرة لهم أو لمورثهم بالقانون القديم أو مغلقة ، ولكنهم متمسكون بها ويساومون الملاك عليها بمبالغ طائلة لتركها وكأنهم يبيعونها لهم من جديد بالسعر الحالى ..
ومن المستأجرين من هم بالفعل منتفعون بهذة الشقق والمحال التجارية وليس لديهم ما يأويهم خلاف هذة الواحدات ذات الايجار الزهيد . ولكن لديهم المقدرة المادية التى تسمح بزيادة القيمة الايجارية بما يتناسب او يقترب من القيمة الحالية …..
ومنهم من مات عائلهم ومورثهم وليس لديهم سكن يأويهم خلاف هذا السكن بالايجار الزهيد بالاضافة الى ان حالتهم المادية لا تسمح بشراء سكن خاص بهم ولا حتى بزيادة الايجار ….
وهناك أصحاب محلات تجارية فى أماكن مميزة اما انهم لا يستغلونها فهى مغلقة لا تحقق نفع للمالك ولا المسأجرأو أنهم يقومةن بتأجرونها من الباطن لاشخاص أخرين بمقابل مادى كبير قياسا بالوقت الحالى ويدفعون ملاليم للملاك
وكذا لدينا بعض المصالح الحكومية والمقرات الخدمية مستاجرة من المواطنين تخضع لقوانين الايجار القديم ومازالت الدولة تستغلها بايجار لا يتناسب مع قيمتها الحالية تحت ستار القانون …
واذا نظرنا الى قوانين الاجارات القديمة المتمثلة فى القانون رقم 49 لسنة 1977 وقانون 136 لسنة 1981 وما قبلها من المرسوم بقانون 140 لسنة 1946 بشأن سريان قوانين ايجار الاماكن وتنظيم العلاقة بين المستاجرين والمؤجرين والقانون رقم 121 لسنة 1947 والقانون رقم 52 لسنة 1969 ،، نجد أن هذه القوانين وهذه التشريعات عطلت العمل بمواد القوانين المدنى طيلة هذة الفترة حتى وقتنا هذا .وكانت بمثابة تدخلا من جانب الدولة فى العلاقة الايجارية بين المؤجر والمستأجر الى أن تدخل المشرع فى التسعينات وصدر القانون رقم 4 لسنة 1964 بشأن سريان أحكام القانون المدنى على الاماكن التى لم يسبق ايجارها والأماكن التى انتهت عقود ايجارها وليس لاحد حق البقاء فيها فاعاد هذا القانون الأمل من جديد لمالكى العقارات وساعد على رواج الاستثمار العقارى لأنة حرر العلاقة بين المالك والمستاجر وساعد تطبيق أحكام القانون المدنى على تحديد المدة المدة فى العقد نظرا لطبيعة العقد الموقوتة فى القانون المدنى ووضع ضمانات للمالك أحدثت شى من التوازن بين طرفى العلاقة الايجارية ..
ولكن ظلت معاناه مالكى العقارات التى لم تنتهى عقود ايجارها والاماكن التى تسرى عليها قوانين الايجارات القديمة والاستثنائية تحت امرة هذه القوانين العقيمة التى عفى عليها الزمن …
فهذة القوانين الاستثنائية فى مخيلتى عرضت الاستثمار العقارى للخطر وشكلت عدوانا صارخا على حق الملكية ذلك الحق التى تكفلة كل القوانين والدساتير فى العالم …
ومن واقع التجارب العملية التى نراها نحن كمحامين داخل أروقة المحاكم أن هذة القوانين الاستثنائبة فشلت فى احداث التوازن فى العلاقة الايجارية بين المالك والمستأجر وعطلت العمل بنصوص القانون المدنى لذا فهى فقت شرعيتها لدى الملاك عندما لم تحقق النتيجة المنتظرة منها وادثت خللا فى العدالة الاجتماعية ولم تحقق غايتها وانما كانت لظروف استثناية فى ذلك الوقت .. فولدت سخط من جانب الملاك على هذة القوانين طيلة هذة السنوات والتى لا تتناسب مع الوقت الحالى ….
حيث أن الظروف الاستثنائية التى شرعت من أجلها هذة القوانين والتشريعات أصبحت غير موجودة الان ..
فمن غير المتصور عقلا ولا منطقا عقار كامل فى منطقة مميرة يكون ايجارة الشهرى فى مجملة خمسون أو مائة جنية فى الشهر ..
ومن غير المتصور عقلا ولا منقطقا أن يكون هناك محال تجارى أو شقة مستخدمة فى نشاط تجارى أن يكون ايجارها الشهرى عشرة جنيهات او ثلاثين او اربعين او اقل فى حين أن بعض المستأجرين يؤجرون من الباطن ويحصلون على ايجارات باهظة على قدر قيمة العقار وموقعة ولا يستطيع المالك أن يثبت واقعة الايجار نظرا لعقود الشراكة والأدارة وغيرها فى ظل تضيق حالات الطرد وكونها على سبيل الحصر ولا ينبغى التوسع فيها وفقا لذلك القانون .. وهناك الكثير من الحالات المشابهة على ذلك النحو والمحاكم مليئة بتلك القضايا ..
وبذلك يكون المستأجرون وتحت مظلة القانون قد حرمو الملاك من الانتفاع بأملاكهم وسلبوهم اياها حيث مكنهم القانون من الانتفاع بعقارات تقدر بملايين نظير مبالغ زهيدة طيلة هذه السنوات الماضية ..
ذلك بالاضافة الى أن المالك الذى لاحول له ولا قوة هو فى نظر القانون هو مالك فيكون لزاما علية ترميم العقار اذا حدث به اى شروخ او تصدعات ومعظم العقارات قديمة ومتهالكة وعلى المالك ان يلتزم بترميم العقار ويتحمل مبالغ طائلة والا يتعرض للحبس والغرامة ذلك بالاضافة الى مصاريف الصيانة الدورية وفواتير المياة والكهرباء عندما يتقاعس المستأجرين يكون المالك ملزم بدفعا نظرا لكون المرافق باسمه او اسم مورثة ..
دا بخلاف أنه محروم من دعم الدولة فى وحدات الاسكان الاجتماعى باعتبار انه مالك ولدية عقارات باسمة وهناك عددات مرافق باسمة وهو لا يستفيد شئ سوى الشقاء من املاكة المحروم من الاستفادة منها بموجب قواتنين استثنائية
دا غير الدولة نفسها لا تستفيد لأنه هنالك كثير من العقارات التى تساوى ملايين ولاكن ايرادها زهيد جدا ولا تحصل الضريبة العقارية عليها …
لذا فهذة القوانين تسببت فى خلق أوضاع ساذة أحدثت خللا فى فى الحياة الاجتماعية والاقتصادية وشكلت عدونا على الملكية الخاصة .التى كفلها الدستور ..
بالاضافة الى انها اشعلت نار البغضاء والتنافر والصراعات والقضايا بين الملاك والمستاجرين التى ازدحمت بها المحاكم …
لان الايجار القديم مع مرور الزمن لم يعد منعدم المنفعة للملاك فقط بل تعدى ذلك الى انه أصبح عبء عليهم ويصيبهم بالضرر ..
فهم ملزمون الى تحمل تكاليف الصيانة الدورية وترميم العقارات المتهالكة والقديمة وتحمل تكاليف باهظة فى ظل ارتفاع الاسعار .
بالاضافة الى أنهم محرومون من الانتفاع بوحدات الأسكان الاجتماعى باعتبار أنهم ملاك ..
فمن غير المتصور عقلا ولا منقطا بعد ثورتين عظيمتين 25/30 يونية أن يظل العمل بقانون قديم عفى عليه الزمن وأصبح عديم المنفعة للفرد والدولة و يظلم فئة على حساب الاخرى حيث أن غاية القانون وهدفه هو تحقيق العدل المنطقى أو (المنطق العادل) بيحث يحرص على قدر من التوازن بين المصالح المختلفة والمتعارضة للأشخاص ..
ويتخذ القانون من فكرة المصلحة التى يصبو اليها الافراد قيدا لتحقيق قدر من المصالح العادلة فى بعض الفروض فى اتخاذه هذا السبيل ينأى بالعدل عن المنطق المجرد أو الشكلى ليصيب به فى نطاق ما يسكن المنطق المصلحى المشروع ومثال ذلك التعسف فى استعمال الحق يكون استعمال الحق غير مشروع وهو حق فى حالات ثلاثة .
1- اذا لم يقصد به سوى الاضرار بالغير
22- اذا كانت المصالح التى يرمى الى تحقيقها قليلة الاهمية بحيث لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها
3- اذا كانت المصالح التى يرمى اليها غير مشروعة
فنجد انه رغم ثبوت الحق لا يقبل أمام القضاء الا اذا كانت المصالح التى يرمى اليها قليلة الاهمية ولا تتناسب ما يصيب الغير من ضرر بسببها ..
ومع اختلاف الزمان والظروف المعيشية والظروف الاقتصادية وما ترتب عليها من انخفاض القوة الشرائية للعملة الوطنية أصبح لزاما على المشرع أن يضع حلا لقوانين الايجارات القديمة .. وغيرها من القوانين العقابية التى اصبحت لاتتناسب مع التطور الحالى فى شتى المجالات والجرائم المستحدثة .
وانطلاقا من المادة 33 من الدستور التى تحمى الدولة بموجبها الملكية بأنواعها الثلاث الملكية الخاصة العامة والملكية الخاصة والملكية التعاونية .. وكذلك كفالة الانواع المختلفة للملكية ، والتوازن بين مصالح الاطراف
وهذا لا يعنى باى حال من الأحوال أن تترك الدولة المستأجرين الغير قادرين على تحمل أعباء زيادة القيمة الايجارية والذين ليس لديهم سكن بديل وظروفهم المادية لا تسمح بشراء وحدات خاصة فهؤلاء هم الفئة المستهدفة بحماية الدولة لهم وتوفير السكن اللائق لهم انطلاقة من مسئوية الدولة الدستورية فى حماية محدودى الدخل ..
وبالنسبة لبعض القانونين الذين يقولون بأن انة لايمكن تعديل قوانين الأيجارات القديمة لأنها تصتدم بمبدأعدم رجعية القوانين ..
مبدأ عدم رجعية القوانين يقيد القاضي فقط ولكنه لا يقيد المشرع، بغرض تحقيق مصلحة اجتماعية عامة أو فيما يخص النظام العام … .
لذلك يجوز النص الصريح من المشرع اذا اقتضت الظروف وتحقيقا لمصلحة اجتماعية عامة أن يعطي استثناءا آخر يؤدي إلى رجعية بعض القوانين إلى الماضي لاسيما تلك التي تتعلق بالآجال و مواعيد التقادم التي يكون تمديدها أوتقليصها في صالح المتهم وطالما لم يرتب جزاء عقابى وذلك راجع إلى أن مبدأ عدم رجعية القوانين يقيد القاضي فقط ولكنه لا يقيد المشرع،
فالمشرع هو من يسن القوانين والقاضى ملزم بتطبيق النص القانونى دون الخروج عنه اذا نص على الرجعية وجب على القاضى تطبيقة كما ورد نصه دون الخروج عنه ..
ونظرا لثقتنا فى المشرع والمامه بظروف القانون خصوصا أن هناك قامات قانونية داخل البرلمان على رأسها الدكتور بهاد الدين أبو شقة رئيس ا للجنة التشريعية وأن هناك اكثر من تصور ومشروع لتعديلات الايجارات القديمة منه ما هو مقدم من وزارة الاسكان وحزب الوفد ولجنة الاسكان وجمعية المضارين من قوانين الايجار القديمة وكلها مطروحة على البرلمان نود أن يستخلصوا منها ما يحقق التوازن الا أن التوازن لا يجوز أن يكون صوريا أو منتحلا ، والا يميل بالميزان فى اتجاه أحد أطراف العلاقة الايجارية تعظيما للحقوق التى يدعيها او يطلبها فذلك انحراف عن الحق . فغاية التعديل هى تحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن بحيث لا يظلم المالك ولا المستأجر …. كتب المستشار القاونى/ عصمت فتحى